طواف طويل في شوارع المدينة و أرجائها دون توقف، بحثا عن عمل يكسب منه قوت يومه بعد أن هجر قريته غير آسف كالآخرين، والتي أضحت خلاء حزينا جراء الجفاف الذي أتى على اليابس و الأخضر.
لم يصادف في تجواله إلا الحرمان و اللامبالاة، و جوابا مفعما بالحزن يتردد أكثر من مرة:
- لا عمل لدينا...
تاه في ضياعه و بدت له المدينة سرابا كقريته، رغم الخيرات التي تعج بها.. أحس بالجوع و الإعياء اتجه إلى قمامة مطعم يتناول منه ما عافه مرتادوه يسد به رمقه غير عابئ بنظرات المارة.. ثم خطا إلى حديقة مجاورة ليتمدد فوق عشبها المختلط بالتراب رغم أشعة الشمس الحارقة.
بعد برهة؛ أحس بيد باردة تحركه من مرقده ،فتح عينيه بصعوبة ليرى فتاة حسناء تنتصب أمامه، تحجب أشعة الشمس بطولها اللامتناهى.
بادرته بالقول:
- لماذا تنام في هذا الخلاء وحيدا؟
أجابها بنبرة حزينة:
- لقد أعياني البحث عن العمل؛ ألا تساعدني!..
ردت عليه بصوت كأنه يأتيه من عالم آخر:
- كيف أساعدك و جيوبك تكاد تنفجر من كثرة النقود؟
بسرعة تفقدهما ليحملهم بين يديه و هو غاية الدهشة قائلا:
- كل هذا لي.. و ما شأن هذه المفاتيح..
ضحكت وهي تشير إلى سيارة مركونة أمامه:
إنها لك..
أحس بالغباء تزحزح من مكانه و هو يتمتم:
- من أنت؟ ترى ضربة حظ!..
ابتعدت شيئا فشيئا عنه كحلم جميل و صدى جوابها يتردد في عالمه التائه:
- بل أنا ضربة شمس...